حوار | مجلة اليمامة

فن – داليا ماهر 

بعد أن ترك التدريس واتجه إلى عالم الكتابة، وعالم الفن يقول الكاتب فيصل العامر: العمل الذي يتعلق بالحالة الإبداعية ليس مملاً ولا روتينياً، ويرى أن المشاهد السعودي ليس لديه الوقت أن يقرأ ولكن لديه الوقت أن يشاهد، ويتحدث لنا عن عمله الفني «مسامير» وعديد من المسائل الفنية في هذا الحوار :

فيصل العامر، المعلم الذي خرج باكراً من حصص التدريس إلى الكتابة وتمرير الرسائل من خلال الصحف ومسلسل مسامير، كيف تصف هذه الحالة الانتقالية وأنت الآن في مسرحٍ يختلف بالكلية عن الذي كنته قبل أعوام؟

– جزء من التشويق في مسلسل الحياة هو أنك لا تعلم إلى أي مكان ستأخذك حلقاته، ولا لأي زمان ستدور فيه أحداثه.. على أي حال كنت أود دائماً أن أعيش وأنا أعمل ما أحب، أشرّع صباحي وأنا متجه لمكان لا يشكل ثقلاً على قلبي ولا همّاً أحمله معي حين أغلق باب الدوام، هذا ما كنت أوده؛ وهذا ما حدث ورغم أن دوامي في عملي الخاص أكثر جهداً وأطول وقتاً مما كان عليه، إلا أني مستمتع؛ فالعمل الذي يتعلق بالحالة الإبداعية ليس روتيناً هو شغل دائم للعقل والمزاج أيضاً، لذا فالخبرات التي يكتسبها من يمارسه أعلى وأهم من العمل الروتيني المنسوخ بتفاصيله من اليوم السابق.

منذُ 2006 وأنت تقف في البرزخ منه محوت وكتبت الطّروس واستناداً إليه دققتَ مساميرك بعد تسع سنوات، ماذا يمثّل لك موقعك الشخصي «البرزخ»؟

– أصف الإنترنت ب «النفط السعودي الثاني»، المكان الذي قلنا فيه أفكارنا دون عصا الرقيب أو سجن الخوف، حين منع لي أول مقال وضعته في «البرزخ»، وحين وسوس الرقيب من كتابي «شغب» نشرته فيه هو المكان الثمين الذي استشعر فيه قيمة الحرية، وأعلم يقيناً ضرر فقدها حين أقول ما لا أؤمن فيه نفاقاً أو خوفاً؛ النص بلا ظلال الحرية هو نص مسلوب الإرادة، ضعيف الفكرة، لا يشبه كاتبه ولا يرجى منه اختلافاً عن السائد ولا تغييراً عن التقليد.

هل بدَتْ نصوصك / مقالاتك في مأمن من مقصلة الرقيب «في تجربة الكتابة في الصحافة السعودية «عندما حوّلتها إلى حلقات بمسلسل مسامير؟

– كل إبداع فوقه خطوط عليه تجاوزها لا يمكن له أن يحيا، لأنه سيرهق فكرته في محاولته الالتفاف على مقص الرقيب، أو تقديم الحقيقة ناقصة ليسلم من المنع وما أن تصل الفكرة بعد كل حواجز التفتيش تلك، إلا وقد بهتت وفقدت قيمتها واحتاجت وقتاً ووعياً كي تفهم. في مسلسل مسامير أنت والناس، لا وسيط بينكما ولا أحد يخبرهم ما الذي عليهم أن يشاهدونه وبأي شكل، إن نجحت فلأن الناس أحبوا ما فعلت وإن فشلت فإن معظمهم لم يظلمك. الإعلام الجديد ومنتجاته ك «يوتيوب – تويتر»مثل المسرح، أنت قريب من الآخرين وأمام مرمى نقدهم وردة فعلهم، تفوز إن أنت استطعت التأثير عليهم.

على أيّ أساس اخترت بعض المقالات مثل «أيّها الفن من رآك، أحبك نعم.. أتزوجك لا، حيوان» دون غيرها لتمثّل مشهداً فنيًّاً في مسامير؟

– الأمر يتعلق بالصورة فيه، وإذا ما كان يحمل فكرة تستطيع بدورها أن تسع الأحداث، وبشكل أعم وأهم، أن يكون الخيال فيه كبيراً، الخيال يسهّل على المخرج أن ينفذ فنه بلا عقد وأن يهتم بالتفاصيل تقنياً وبصرياً.

. بعد ثلاث سنوات، أو يزيدون، من كتابتك لحلقات مسامير، هل تشعر أن فن الرسوم المتحركة قادر على إيصال الرسالة والمتعة في آنٍ معاً؟

– نحن أمة لا نقرأ، لكننا نشاهد، المثل «الصورة تغني عن ألف كلمة» لا أشك أنه قيل فينا، ومن تجربة شخصية فالمشاهد السعودي ليس لديه الجهد ولا الوقت ليقرأ مقالاً من نصف صفحة لكنه على أتم استعداد أن يتسمر أمام مشهد، الصورة صارت هي الوسيلة لنقرأ، لنفهم، لنتعلم.. ربما الأمر يتعلق بشكل الزمن الذي نمر فيه، ما أعلمه أن فطرة الإنسان تجاه الفن وميله التلقائي تجاه الإبداع، تعيش.

على من تُسقِطون الإشارات في مسامير؟ المجتمع/ المسؤول/ أم المواطن؟

– علينا «نحن»، نحاول في مسامير أن نصنع عملاً يشبهنا وأن نكون عادلين حين ننتقد سلطة الجماهير تدفع الأعمال الفنية لمجاملتها، وكذلك يفعل المسؤول.. على العمل الفني أن يذهب صوب الحياد والشمولية في نهاية الأمر «مسامير» وجهة نظر بشكل فني، تحتمل الاتفاق والاختلاف.

ما بين المشهد الفعلي في مخيّلتك ككاتب للسيناريو، وبين الأداء الصوتي والحركي من الممثلين والمخرج. هل مِنْ مسافةٍ يضيع فيها ما تودّ إيصاله وما تم إخراجه؟

– هناك انسجام، وهدف مشترك.. يصبح النقاش في التفاصيل حينها أمراً محموداً وعادة ضرورية قبل وأثناء ترتيب الحلقة، لا تهدأ الأفكار التي تحسّن حركة أو صوتاً أو شكلاً، تخفف من حدة السخرية في مشهد أو تزيدها، الأمر أشبه بمعمل سوفيتي للأسلحة أثناء الحرب العالمية في نهاية كل هذا وحين نشاهد الحلقة نؤمن بحقيقة واحدة: لن نرضى «تماماً» عن أي عمل نصنعه.

عدد المشاهدين لمسامير يتجاوز مليوني مشاهد على الأقل لكل حلقة، هل هذا الوصول الكبير يثبّت مساميركم على جدران الشبكة العنكبوتية؟ وهل لديكم نيّة في تحويله إلى مسلسل تلفزيوني تابع لمحطة رسميّة؟

– ما الذي يمكن أن يقدمه التلفزيون لنا ولا يقدمه الإعلام الجديد؟ من ناحية استثمارية – وهي أساس لاستمرار الإنتاج – فقيمة حلقة من «مسامير» تعادل ضعف قيمتها لو كانت على التلفزيون، ومن الناحية الإبداعية فلا يمكن التفريط في مكان يقدم لك الحرية والاحتفاظ بحقوق العمل قررنا فعل ذلك حين سألنا أنفسنا: منذ متى لم نشاهد التلفزيون؟ 

ختاماً، السيّد فيصل العامر ما الذي وددت قوله من خلال مقالاتك لكنّ لم يحالفك الرّقيب، وما الذي تودّ أن تقوله الآن من خلال مسامير ومجلّة اليمامة؟

– الإنسان أولاً، الحرية دائماً.

2 تعليقات

  1. جلجامش
    24 أبريل، 2015

    تستاهل كل خير

    رد

اضافة رد الى فيصل العامر

إلغاء الرد